تعرف كيفية تشفير البياناتك الخاصة بك، ولكن لا تستخدم كلمات مرور قوية لحماية الأجهزة والحسابات الخاصة بك؟ لا تحذف أبداً سجل الدردشات التي تجريها ولا الصور العارية على هاتفك، ولكنك خبير في جعل عنوان الـIP على جهازك غير ظاهر؟
هذا ليس بالأمر المنطقي! فأنت لست فعلاً بأمان أونلاين!
“السلامة عند استعمال الإنترنت والهواتف النقّالة ليست مرتبطة فقط بمعرفة كيفية استخدام أدوات معقّدة للحماية، وإنما تنتج عن البقاء بحالة يقظة مستمرة واعتماد ممارسات وعادات يومية سليمة”.
كانت هذه واحدة من الرسائل الرئيسية لحلقة نقاش حول تطبيقات الهواتف الذكية الخاصة بالدردشة وكيفية تأثيرها على مجتمعات الـLGBTI، وفقاً لنيكولا سيرا-ليفا، مدير برنامج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في منظمة إنترنيوز.
وقد أحدثت تطبيقات الدردشة على الهاتف الذكي ثورة في عملية التعارف بين الأفراد المثليين في جميع أنحاء العالم. فهي تسمح بإجراء لقاءات سريعة بين أفراد يتشاركون إهتمامات متشابهة ومتطابقة وقريبين من بعضهم البعض جغرافياً.
ولكن نفس الميزات المثيرة للاهتمام في هذه التطبيقات تجعل المستخدمين أكثر عرضة لأنّ تُحدّد أماكنهم من قبل المبتزّين وعناصر الأمن في المنطقة العربية، حيث المثلية الجنسية ممكن أن توقع الأفراد في ورطة خطيرة.
وأكثر المشاكل التي يقع فيها المثلييون في المنطقة تحصل عندما يُضبطون في الشارع من قبل الأمن، أحياناً أثناء عملية تفتيش روتينية أو بلا سبب قانوني محدّد، وعندها يجد عناصر الأمن مواداً تشير إلى ميولهم الجنسية على هواتفهم الخاصة..
بطبيعة الحال، في مثل هذه الحالة وجود كلمة مرور لحماية هاتفك لن يساعدك. فمن الأرجح أن يتمّ إرغامك على إظهار محتوى هاتفك. لذلك من الحكمة، على سبيل المثال، القيام بحذف روتيني للرسائل القصيرة والصور على تطبيقات الدردشة. إفعل هذا بشكل منهجي، وسوف تصبح في نهاية المطاف عادة.
نصيحة أخرى مفيدة: لا تترك رموز (أيقونات) تطبيقات التعارف مثل Grindr واضحة على هاتفك. فرجال الأمن باتوا يعرفون بوجود تلك التطبيقات وبمظهرها على الهاتف. يمكنك، على سبيل المثال، إخفاءها داخل مجلدات. حاول خلق العديد من مجلدات التطبيقات على هاتفك وإخفاء تطبيقات التعارف داخلها، وهذا سيجعل أيقونات التطبيقات أصغر بكثير وأكثر صعوبة للكشف.
وهناك أيضا طرق أخرى لإخفاء بعض التطبيقات من شاشة الهاتف الرئيسية.
“السلامة هي أيضاً تأتي عبر خلق ثقافة تيقّظ ووعي عند عدد كبير من الأفراد في مجتمعات الـLGBTI””، يقول سيرا-ليفا. وهذا يستلزم إنشاء شبكات من المدرّبين المحليّين الذين هم على مقربة من مجتمعاتهم ومعرفة بالتحديات المحدّدة التي يواجهونها عندما يتعلق الأمر بالأمن أونلاين.
فالنشطاء المحلّيون، على سبيل المثال، هم على دراية بالممارسات والأخطاء التي يقع فيها الأفراد المثليون في محيطهم. وهم يعرفون المعلومات التي يجب مشاركتها مع الغير، كما أن لديهم خبرة في المخاطر المحدّدة التي تواجه الأفراد المثليين إنّ كان من جهة الشرطة أو المتحرشين، ويعرفون أفضل الطرق للتصرف في حال وقع فرد مثلي في مأزق.
وتقول حكمة معروفة: أمنك مساوٍ لأمن الفرد الأقل أمناً في شبكة معارفك.
فعلى سبيل المثال، إذا كان شخص ما كنت سبق أن تبادلت الصور والأرقام والرسائل معه تمّ توقيفه، فقد ستعرف السلطات عنك من خلال البحث في هاتفه، حتى لو كنت أنت نفسك متيقظاً وتتبع بخطوات تحفظ سلامتك.
العادات السليمة والوعي تمتد أيضا إلى العالم الواقعي وليس الرقمي فقط. فقرار مقابلة شخص ما في الحياة الحقيقية بعد محادثة أو حتّى عدة محادثات عبر تطبيقات التعارف هو قرار يجب اتخاذه بحكمة. بالطبع، قد تحدث دائماً مفاجآت سيئة حتى عندما يحتاط المرء ولكن يجب دائماً توخّي الحذر قدر الإمكان.
قصّة حقيقية حصلت مؤخراً تعكس الكثير حول المخاطر غير المتوقعة التي يمكن أن تحدث بعد عملية التعارف عن طريق الهاتف النقّال. وكان أحد الأفراد في لبنان، والذي فضّل عدم البوح بإسمه، قد دعى دعا إلى منزله رجلاً كان قد التقى به قبل بضع ساعات عبر تطبيق دردشة. وكان الشخص يشرب من زجاجة عصير اتضح أنه يحتوي على مواد مخدّرة وكان سلوكه غريباً ومشبوهاً. فكان من الواضح أنّه تحت تأثير المخدرات. تجاهل الُمضيف هذه الأمور وقرّر ممارسة الجنس معه. وبعد بضع دقائق، فقد الضيف وعيه وهو عارٍ كليّاً وكان من المستحيل إيقاظه.
طبعاً أصيب صاحب البيت بالذعر. وبعد التشاور مع الأصدقاء والناشطين، قال أنّه قرّر أن يتصل بالصليب الأحمر لإسعاف الضيف حتى ولو عرفوا بموضوع العلاقة الجنسية فهذا كان خياره الوحيد. كان يعلم أنه إذا حدث أي مكروه للضيف وهو في منزله سيكون في ورطة كبيرة.
لحسن الحظ، استيقظ الضيف في نهاية المطاف في المستشفى ولم يطلب الطاقم الطبّي أو المسعفون من المُضيف أية تفسيرات حول ما كان الشاب يفعل في منزله وكيف تعرف عليه.
وتبقى خلاصة القصّة أنّه يجب توخي أقصى درجات الحذر فالأمور قد تتعقّد من حيث لا يدري المرء.