لطالما حاولت أفضل ما بوسعها لتظهر بمظهرٍ رجولي. باستخدام ضاغط (بايندر) لإخفاء ثدييها و”باكر” يعطي شكل العضو الذكوري تحت بنطالها. فوز، الكويتية المتحولة جنسياً، والتي تبلغ 26 عاماً من العمر، تريد ببساطة أن يعتقد الناس أنها ذكر.
أما الآن فتستطيع فوز بسهولة أكبر إقناع الناس برجولتها، مع بدء ظهور الشعر على وجهها. منذ قبل ثلاثة أشهر، قرّرت فوز بدء العلاج الهرموني لرغبتها الملحّة لتغيير جنسها خارجياً من أنثى إلى ذكر.
“أنا ببساطة، لا أريد أن أدفن في يومٍٍ ما، كامرأة. لقد عانيت بما فيه الكفاية من رفضي القاطع لمظهري الخارجي كأنثى”، تقول فوز التي تفضل أنّ يتمّ التعامل معها لغوياً على أنها ذكر. رغم معرفتها أنّ الناس بحاجة لوقت للتكيّف مع وضعها الجديد.
يستطيع المتحولون جنسياً إقامة عمليات جراحية لتغيير جنسهم وهو أمر يتلقى تقبّلاً متزايداً في العديد من البلدان.
ولكن ليس في الكويت!
شجاعة فوز في هذا البلد المحافظ جداً غير إعتيادية، فهو قد يتعرض للسجن وما يقوم به هو أقرب إلى الإنتحار إجتماعياً.
في الكويت، مجرد “تقليد مظهر” شخص من الجنس الآخر يمكن أن يؤدي إلى السجن لمدة قد تصل إلى سنة وإلى غرامة كبيرة. ويقول فوز أنّ الناس يعتدون عليه لفظياً وحتى جسدياً أحياناً عندما يدركون أنه أنثى يظهر بمظهر ذكر.
ولكن هذا لم يمنع فوز، الذي تمّ القبض عليه عدّة مرات لمظهره الررجولي، من التماس هذا التغيير الجذري في الشكل. وقد عانى لفترة طويلة من علاقة مضطربة جداً مع عائلته التي لجأت إلى العنف الجسدي أحياناً “لتصحيح” سلوكه. فوز يحسّ منذ الطفولة الباكرة أنه ذكر، ولا يفهم لماذا جسده هو جسد أنثى. وبعد سنوات من المعاناة، قطع علاقاته مع معظم أفراد عائلته، وهو يعيش اليوم بشكل مستقل.
يقوم فوز اليوم بالنضال على الإنترنت من أجل حقوق المتحولين جنسياً في الكويت والخليج العربي بالإضافة إلى خوضه معارك أخرى عديدة من أجل الحقوق المدنية ضد القوى المحافظة في الكويت.
وهو يقوم بفخر بعرض صورٍ تُظهر لحيته على الفيسبوك. وقد أنشأ أيضاً مجموعة دعم خاصة على الشبكة الاجتماعية للمتحولين جنسياً في منطقة الخليج.
ويقول، “أصبحت نموذجاً حيّاً للكثير من المتحولين جنسياً هنا. أعطيهم المشورة وأتحدث معهم عن العلاج الهرموني.”
وقد سافر فوز إلى تايلاند للخضوع لفحوص طبية والبدء في العلاج الهرموني. وفي الكويت، يحاول الحصول على العلاج بشكل غير قانوني لأن السلطات هناك تمنع عمليات تغيير الجنس.
ويقول، “لا يُسمح للأطباء هنا بمساعدة المتحولين جنسياً. ولا يمكن حتّى للأطباء النفسيين أن يعطوا الضوء الأخضر لعمليات تغيير الجنس.”
في حالات الإضطراب في الهوية الجنسية، يسمح فقط للأطباء النفسيين بوصف جلسات علاج نفسي. أما أطباء الغدد فيمنع عليهم وصف علاج هورموني في حالات الترانس.
وتدفع تلك السياسة بالعديد من الأفراد المتحولين جنسياً إلى مشاكل نفسية من رفضٍ لذواتهم. ويقول فوز، “يعتقد الكثيرون أنهم مرضى أو أنهم يعصون الله. ويعانون من حالات الشفقة على الذات. ويقوم البعض بدفع الكثير من المال في عيادات للصحة النفسية لتغيير ما يشعرون به وهي غير مؤهلة لمعالجتهم.”
ويقول ويشير إلى أنّ “بعض المتحولين جنسياً من شدة يأسهم يلجؤون إلى أخذ الهرمونات الذكرية التي تؤخذ عادةً عند ممارسة كمال الأجسام وذلك من دون أي متابعة طبية، وهو أمر يمكن أن يكون خطيراً جداً”.
ويبقى رفع مستوى الوعي حول حقوق المتحولين جنسياً في بلد مثل الكويت مهمة غاية في الصعوبة. ومن خلال تويتر، إينستاجرام والفيسبوك، يروّج فوز بشكل دائم لشعارات تدافع عن حقوق المثليين والمتحولين جنسياً.
مؤخراً، تم تعميم حملة ضد الأفراد المتحولين جنسياً على إينستاجرام وتويتر وذلك على نطاق واسع. وكانت الحملة ردة فعل رافضة لدعوات منظمة العفو الدولية إلى تغيير القوانين التي تعاقب الأناس الLGBTQ.
وكان شعار الحملة أنّ دعم الأفراد المتحولين جنسياً أمر “غير أخلاقي”. وعلى الرغم من أن الدعوة المناهضة لحقوق المثليين حصلت على 12،500 “لايك” على إينستاجرام، فتحت المجال للنقاش، ما سمح على الأقل لمؤيدي حقوق المتحولين جنسياً للتعبير عن آرائهم ودعوة الحكومة الكويتية السماح لمن يرغب بتغيير جنسه بالقيام بذلك.
وقام فوز بنشر حملة مضادة تدعو إلى احترام حقوق المتحولين جنسياً تحت عنوان أنا كويتي أرفض التفرقة وأدعم حقوق الإنسان.
في عام 2008، وافقت الجمعية الوطنية على إضافة فقرة إلى المادة 198 من القانون الجنائي، والتي تعاقب على “الأفعال المخالفة للطبيعة”. وينص التعديل على أن أي شخص يرتكب عملاً غير لائق في مكان عام، أو يقوم بتقليد مظهر شخص من الجنس الآخر، يتعرض للسجن لمدة لا تزيد على السنة الواحدة أو دفع بغرامة لا تزيد على ألف دينار [US $ 3500].
وبعد الإنتهاء من العلاج الهرموني، ينوي فوز تقديم طلب لجوء إلى بلد أوروبي حيث يمكن أن يقوم بعملية تغيير الجنس وهي عملية طويلة ومكلفة.
ويقول، “أنا فقط أريد أن أعيش باحترام. إذا كانت دولتي لا تسمح لي أن أكون كما أنا فسأقوم بهجرها في نهاية الأمر.”