في بيئة الأونلاين حيث المضايقة والترهيب أمورٌ لا تزال شائعة، تواجه العديد من النساء والأشخاص المتحولين جنسيا، تحدّيات في التعبير عن أنفسهن بحرية على الإنترنت.
وفي مواجهة هذه المشكلة، قام تجمّع التكنولوجيا التكتيكية، وهي منظمة دولية متخصّصة في استخدام التكنولوجيا في حملات المناصرة، بإصدار دليل جديد على الإنترنت لمساعدة النساء ومتغيرات النوع الاجتماعي للاستمرار في التواصل عبر الإنترنت بشكل يحفظن به سلامتهنّ وخصوصيتهنّ ويعزّزن أمنهنّ الرقمي.
“زِن وفنّ جعل التكنولوجيا بمتناول يديك”، يركّز بحسب ما تقول منسقة مشروع التكنولوجيا والجندر في المنظمة، على “مسألتين متداخلتين: كيفية صياغة الهوية أو الهويات المتعدّدة على الإنترنت بشكل مناسب وبطريقة تعزّز قدرتنا على التواصل والعمل عبر الإنترنت بشكل آمن؛ وكيفية إنشاء مساحات آمنة على الإنترنت وخارجه بشكل تشاركي تمكّن مجتمعاتنا من تبادل الخبرات والتعاون والتواصل بأمان”.
المنسّقة التي تواصلنا معها عبر jitsi.org، (منصّة مشفّرة للتواصل)، فضّلت عدم الكشف عن هويتها بسبب حساسية المشروع.
ويهدف الدليل إلى تمكين المرأة والناشطات المتغيرات النوع الاجتماعي والمدافعات عن حقوق الإنسان والحقوق الجنسية وخبيرات التكنولوجيا، وتزويدهن بالمعرفة والموارد اللازمة لمواجهة العنف المرتبط بالجندر على الإنترنت. والذي غالباً ما يقوّض مشاركتهن الرقمية من أجل التغيير السياسي ودعم حقوق الإنسان.
في الجزء الأول منه، يكشف الدليل الآثار الرقمية التي نتركها عند استخدامنا الإنترنت، ويشرح كيفية إنشاء هوية أو هويات أُونلاين على أساس طبيعة عمل المستخدمة واحتياجاتها. وفي بعض الحالات، قد يكون من المفيد أو من الضروري حتّى استخدام اسمك الحقيقي، بينما في حالات أخرى، من الحكمة استخدام أسماء مستعارة أو تصفح الإنترنت بهوية مجهولة.
ويقترح الدليل إستخدام عناوين بريد إلكتروني مؤقتة أو استخدام جهاز كمبيوتر مختلف لكل هوية رقمية.
ويشرح الدليل كذلك العوامل الإجتماعية والنفسية التي يجب أن تُؤخذ بعين الإعتبار قبل إنشاء الهوية أو الهويات على الإنترنت. كما يستعرض حالات حقيقية كأمثلة، ويقترح العديد من الموارد على الإنترنت لمساعدة النساء على حماية سلامة شبكاتهن سواء العائلية أو الاجتماعية أو تلك المتعلقة بالعمل.
أما الجزء الثاني من الدليل فهو مخصّص لخلق مساحات آمنة تسمح لمجتمعات النساء أن تزدهر وتصبح مجهّزة بالأدوات اللازمة لتجنّب -ولكن أيضاً لمواجهة- التفرقة والترهيب.
ويقدّم نصائح عملية، على سبيل المثال بشأن السبل الممكنة للتعامل مع المتصيدين على الإنترنت. وكيفية دعم المستخدمات الأخريات اللواتي يتعرضن لهجوم، كما يعرض استراتيجيات مقاومة في المساحات على الانترنت وخارجه، والتي قد تكون معادية للنساء ولمتغيرات النوع الاجتماعي ويركزّ فصل آخر من الدليل على توثيق العنف لأن هذا الأمر هو “مفتاح لإظهار الحجم الحقيقي لهذه المشكلة […] وكذلك لإظهار الجوانب الهيكلية للعنف القائم على الجندر […]”.
والدليل هو نتيجة نقاشات مستفيضة لعشرين امرأة من تسعة عشر دولة مختلفة. والفكرة أن يستجيب بقدر الإمكان للإحتياجات الحقيقية. وبعض النساء المشاركات هنّ من منطقة الشرق الأوسط أو لديهن الخبرة في أوضاع المرأة في هذه المنطقة.
وقالت منسّقة المشروع أن الخطوة القادمة ستكون تحسين الدليل بالإعتماد على ردود فعل الأفراد المعنيين ومن ثم ترجمته إلى لغات أخرى من أجل ضمان إنتشاره على نطاق أوسع.
وأضافت، “نود أن تأخذ الترجمات بعين الاعتبار الثقافات المحلية والأمثلة الخاصة والتوصيات المحددة بالمنطقة المعنية.”
والفكرة هي أيضاً أن يكون الدليل “ديناميكياً” أي وثيقة حيّة يتم تحديثها بشكل متكرّر من قبل المجتمعات المحلية نفسها على أساس التقدّم التكنولوجي والإحتياجات الناشئة.
وستكون منطقة الشرق الأوسط ربما واحدة من المناطق التي سيتّم تعديل الدليل لنشره فيها. وقد سبق أن نشرت المنظمة مجموعة من المراجع في مجال الاحتياطات الأمنية على الانترنت صُمّمت خصيصاً للمجتمعات الLGBTQ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وتبقى إحدى التحديات الرئيسية اليوم هو خلق شبكة قوية واسعة من الأفراد المحليين الذين يعملون على أمن الإنترنت وحفظ الخصوصية. وفقاً لمنسّقة المشروع، “تقول النساء العاملات في تلك المجالات في العديد من المناطق أنهنّ تشعرّن بالعزلة وتفتقرن إلى الدعم”.
في باكستان، على سبيل المثال، تفترض بعض النساء أنّ مجرد التواصل على الانترنت يعرّضهن إلى التحرش، ولا يمكن أن يتخيلن التواجد على الإنترنت دون التعرض للتهديد والاعتداء.
وبالتالي الحاجة ملحّة إلى دليل يعمل كمرجع لدعم النساء ومتغيرات النوع الاجتماعي من خلال تمكينهن ليكنّ في نهاية المطاف أكثر قدرة على السيطرة على التقنيات التي تستخدمنها.