في إطار ما نشهده مؤخرًا من حملاتٍ تشهيريّة عبر منصّات وسائل التواصل الاجتماعي، وما تتضمّنه من مغالطاتٍ وبياناتٍ مبنيّةٍ على معلوماتٍ مجتزأة فحسب، يهمّ “المؤسّسة العربية للحريات والمساواة (AFE)” أن تؤكّد أنّ الوقت قد حان لعرض الحقائق وتوضيح الادّعاءات المتداولة بشكلٍ علنيّ شفّاف.
منذ تأسيسها عام 2009، أثبتت “المؤسّسة العربية للحريات والمساواة” التزامها الدائم، ولا تزال، بمجموعة من القيم والأخلاقيات الراسخة التي شكلت أساس عملها وحقّقت ريادة المؤسّسة في مجال المساواة الجندرية والحقوق الجنسية في لبنان والمنطقة. على مرّ السنوات، واجهنا في المؤسّسة العديد من التحديّات الجسيمة، بما في ذلك التهديد بالقتل وفرض القيود على حرّيتنا بالتعبير، سواءً لناحية ما يمكننا التصريح به أو أين نصرّح به، غير أنّنا لم يسبق أن واجهنا على الإطلاق حملةً ممنهجةً تشكّك في أخلاقنا وقيمنا.
ولعلّ أكثر ما نفتخر به أنّ “المؤسّسة العربية للحريات والمساواة” لم تتخلَّ مطلقًا طيلة مسيرتها المتميّزة خلال العقد الماضي، عن مبادئها المتمثّلة بمعايير “النزاهة والمساواة”، “الشفافية والمساءلة”، “عدم التمييز” و “الحرية والحق بتقرير المصير”، وهي معايير راسخة كانت وستبقى دومًا المبادئ التوجيهية لرسالة المؤسّسة.
كما أنّه وبفضل الجهود المتواصلة والالتزام الوثيق لموظّفيها وموظّفاتها وأعضائها وأفراد مجتمعها، نجحت “المؤسّسة العربية للحريات والمساواة” في الدّفع باتجاه قضيّة مجتمع الميم-عين وتكريسها قضية حقوقية مجتمعية، ما ساهم في تعزيز مكانة المؤسّسة ومصداقيّتها وانتشارها.
ومن الجدير ذكره، أنّ نجاح مسيرتنا واستمراريتها لم يكن ممكنًا لولا الإطار الاستراتيجي والتشاركي لمسار عملنا، حيث أنّنا فكّرنا وناقشنا، طرحنا وحاورنا، خطّطنا وشاركنا مقارباتٍ عمليّة مرتكزة على برامج ومناهج بحثية وتقارير علميّة وحقائق ثابتة ضمن إطار نموذجٍ تنفيذيّ متماسكٍ وهيكليّةٍ مؤسّسيّةٍ واضحة. وقد تمكّنت مؤسّسة “AFE” في غضون عامٍ واحدٍ (2019) من دعم أكثر من 20 منظمة غير حكومية في شتّى أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأكثر من 500 ناشطة وناشط شاركن/وا في مؤتمراتٍ ودوراتٍ تدريبيّةٍ نظّمتها المؤسّسة.
كما تعمل “AFE” حاليًا مع أكثر من 25 منظّمة شريكة عبر 13 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في ظلّ ظروفٍ وبيئةٍ تشكّل تحدّيًا حقيقيًّا، وبالتالي ضمن نطاق منطقة تستمر فيها مطاردة أفراد “مجتمع الميم-عين”، قتلهنّ/م، ضربهنّ/م واعتقالهنّ/م لمجرّد التعبير عن أنفسهنّ/م.
وعند انطلاقتنا، كان قرارنا اختيار “المؤسّسة العربية للحريات والمساواة” كإسمٍ لمؤسّستنا ترسيخًا للقيم التي تجسّد ركائز نشأتها وخدمةً لأفراد المجتمع كافّة من دون أيّ تحيّز أو تمييز.
أن نكون في صلب حملةٍ تشهيريّةٍ ممنهجةٍ ليس بغريبٍ أو جديدٍ في نطاق عملنا. ولكن تبقى أولويّتنا، إبراز الحقيقة كما هي، حفاظًا على مسيرتنا وعلى إرث المؤسّسة.
والحقيقة هي، أنّه لم تكن مسيرتنا لتستمر وقضيّتنا لتتعزّز لولا التزامنا معايير الحوكمة الرشيدة والشفافية وأفضل الممارسات والمناهج العمليّة ولولا حرصنا على توطيد التواصل مع أعضاء المجلس الاستشاري ومع المؤسّسات والأطراف المعنيّة كافّة، ولولا التدقيق الموثوق والمُعتمد من قبل جهة ثالثة مستقلّة ذات مصداقية عالية، وهي مؤسّسة “Global Auditing Enterprise”. بالإضافة إلى ذلك، فقد تمّت مراجعة الأطر المالية الداخلية لـ”المؤسّسة العربية للحريات والمساواة” من قبل منظمات دولية مثل: “The Global Fund ” و “Robert Carr Fund”.
كما أنّه وإثر استقالة أعضاء المجلس الاستشاري للمؤسّسة، أظهرت “المؤسّسة العربية للحريات والمساواة” التزامها الوثيق بضمان استمراريّة عملها، مع إدراكها الكامل لكيفيّة الاستفادة من هذه التجربة في المستقبل. وفي هذا الإطار، باشرنا عمليّة انتخاب مجلسٍ استشاريّ جديد. كما عملنا على وضع آليّة تشاركيّة قائمة على أساس منهجيّة نسويّة تستخدم تقنيّات الاستماع الاجتماعي كأداةٍ للاستجابة للأشخاص الذين/اللّواتي نسعى إلى خدمتهم/نّ ودعمهم/نّ، حفاظًا منّا على ثقة مجتمعنا والجهات الداعمة والمانحة، وذلك من خلال:
- تعيين لجنة من الخبيرات والخبراء المستقلّات/ين اللّواتي/ الذين ترشّحهنّ/م المنظّمات الشريكة للمؤسّسة والجهات المانحة، وذلك للإشراف على عمليّة التطوير المستمرة للهيكلة الداخلية؛
- دعوة المجلس الاستشاري الجديد للإشراف على تطوير الهيكلية التنفيذية الداخلية والتشغيلية؛
- التعاون مع أيّ تقييم مطلوب سواءً على الصعيد الإداري أو على مستوى البرامج.
لطالما اتّسم عملنا بالشفافية والأخلاقيّات المهنيّة التي شكّلت صلب قناعتنا، والتي ستبقى دائمًا واجبًا علينا تجاه المجتمع، الجهات المانحة والداعمات/ين. كما أنّنا نعتبر أنّ سمعة “المؤسّسة العربية للحريات والمساواة” والجهات المانحة والداعمات/ين اللّواتي/ الذين يثقن/ون بنا، من صلب مسؤوليّتنا وأولويّتنا، ولن نمتنع عن اتّخاذ أيّ إجراء ضروري لصون سمعتنا والحفاظ على سنوات العمل المتفاني القائم على الثقة والالتزام.
جديرٌ بالقول، إنّ ما وصلنا إليه اليوم ليس وليد الصدفة، فقد حفلت الأعوام العشرة السابقة بالجهود الجبّارة والالتزام والامتثال لأعلى المعايير المعتمدة. وإذ نحترم ونقدّر مساندتكنّ/م الصادقة، نتعهّد بالاستمرار في تطوير أنظمتنا الداخليّة، متمسّكات/ين بدعمكنّ/م وثقتكنّ/م وخبرتكنّ/م.
مع فائق التقدير والاحترام،
فريق عمل المؤسّسة العربية للحريات والمساواة (AFE)