Skip to main content

“شو السبب؟” أو “ما هو السبب؟” عندما يواجه الناس في لبنان وفي العالم العربي مفهوم المثلية الجنسية، هذا السؤال هو من أكثر الأسئلة التي تخطر على بالهم. وما يخفيه هذا النوع من التساؤل هو اعتقاد سائد أنّ الشخص المثلي يعاني من خلل بيولوجي أو اضطراب نفسي يستوجب العلاج.

ويحاول النشطاء الLGBTQ  في المنطقة تحويل الانتباه من محاولة إيجاد سبب للمثلية الجنسية، إلى تقبّل فكرة أنّ التنوّع في الميول الجنسية هو ظاهرة طبيعية في أي مجتمع.  وقد رأت جمعية لبنانية أنّه من المهم محاولة تغيير تلك الأفكار السائدة من خلال إنتاج فيديو قصير تثقيفي، يدحض الأفكار الخاطئة حول المثلية، ويكون مسلّياً في الوقت نفسه. ولإنتاج الفيديو، قامت الجمعية الطبية اللبنانية للصحّة الجنسية (LebMASH) بإجراء مقابلات مكثّفة مع مثليين ومثليات لفهم المشاكل التي يواجهونها وطبيعة علاقاتهم مع أهلهم.

ويركزّ الفيديو والذي يستعمل الرسوم المتحرّكة على قصّة رامي وهو شاب مثلي يخبر أهله عن حقيقة هويته الجنسية. ما يجري بعدها هو عملية تقاذف اللّوم بين الوالدين في محاولة بحث في مراحل تربية رامي عن السبب الذي أدّى لأنّ يصبح مثلياً. فيقول الوالد مثلاً أنّ الأمّ “غنّجته أكثر من اللازم”، أما الوالدة فتجيب بأنّ الأب لم يكن موجوداً بشكل كافٍ في حياة الولد. وفي النهاية، يقرّر الوالدان أخذ إبنهما إلى معالج نفسي علّه “يحوّله” إلى شاب مغاير الجنس. أمّا رامي فتصيبه حالة من اليأس ويبدأ بالإفراط في الشرب بسبب ردّة الفعل السلبية تلك.

‫”إستعملنا لغة محلّية بسيطة يستطيع الأناس العاديين التفاعل معها،” يقول الدكتور عمر فتّال وهو رئيس الجمعية الطبية اللبنانية للصحّة الجنسية. “يُظهر الفيديو أنّ ما يُسمّى علاج التحويل أو الإصلاح الجنسي ليس مفهوماً مجرّداً بل هو ممارسة فظيعة ممكن أنّ تدمّر حياة إنسان،” يقول فتّال ويضيف أنّ تعاطي المواد المخدّرة أو اللجوء إلى الكحول هو أمر شائع لدى الأشخاص الـLGBTQ  الذين يواجهون ضغوطات إجتماعية كبيرة.

وقد شاهد أكثر من 50 ألف شخص الفيديو على الفيسبوك ويوتيوب، ومعظمهم في لبنان ومصر وسوريا. وكانت معظم ردود الفعل إيجابية، وخاصةً من جيل الشباب الذين هم في أوائل العشرينات، والذين قالوا أنّ الفيديو عزز ثقتهم بأنفسهم. وقد كرّر فقط عدد قليل من الأشخاص ردود الفعل السلبية المعتادة والقائلة بأنّ الأناس المثليي الجنس هم “مرضى”.

ويبني الفيديو على عمل الجمعية اللبنانية للطب النفسي التي صرّحت في عام 2013 أنّ المثلية الجنسية ليست مرضاً عقلياً يتطلب أي علاج. وفي بيان رائد بالنسبة للمنطقة العربية، حثّت الجمعية العاملين في مجال الصحة إلى الاعتماد فقط على العلم في ممارساتهم الطبّية، وشدّدت على أن “التحوّيل” أو “آلإصلاح الجنسي” هو نوع غير مقبول نهائياً من العلاج وفقاً للهيئات الصحيّة المعترف بها عالميّاً.

وعلى الرغم من هذا الإعلان، لا يزال الأهل في لبنان والمنطقة يطلبون المساعدة من الأطباء والمعالجين النفسيين علّهم يستطيعون “جعل أولادهم مغايري الجنس”.

ويعترف فتّال بأن الفيديو لم يتم تعميمه على نطاق واسع على الأجيال الأكبر سناً، أي الآباء والأمهات الذين قد يواجهون صعوبات في تقبّل التوجه الجنسي غير التقليدي لأولادهم. وأحد الأسباب هو أن محطات التلفزيون المحلية والتي تشاهدها تلك الفئة العمرية من الناس بشكل كبير، لم تقبّل عرض الفيديو على شاشاتها. وقد حاولت الجمعية مع عدّة إذاعات تلفزيونية وكان ردّ أحد العاملين في واحدة من المحطات بأنّ “الجمهور العريض غير جاهز لهكذا فيديو.”

وتقوم المرحلة التالية على استهداف الأخصائيين الإجتماعيين والعاملين في مجال الصحة من أجل رفع وعيهم حول كيفية المقاربة السليمة للتوجّه الجنسي الذي يختلف عن ما هو سائد.

وهناك محاولات أخرى لاستخدام الفيديو أونلاين من قبل الناشطين الـ LGBTQ  في المنطقة. موزاييك، وهي منظمة محلّية تعنى بسلامة وحقوق الأفراد المهمّشين، أطلقت مؤخراً فيديو رسوم متحركة لتفسير إزدواجية الميول الجنسية. والفيديو، الذي تمّت مشاهدته أكثر من 20 ألف مرّة على الفيسبوك، يحاول تبديد الأحكام المسبقة الخاطئة حول مزدوجي ومزدوجات الميول الجنسية باستخدام أسلوب فكاهيّ. والفكرة هي تقديم الميول الجنسية لدى الناس على أنّها معقّدة وتشمل مجموعة كبيرة ومختلفة من الرغبات والمشاعر لا يمكن وضعها في خانات أو أطر مغلقة كالمثلية الجنسية من جهة والمغايرة من جهة أخرى. والفيديو هو إنتاج مبني على جهد مشترك بين نشطاء في لبنان وتونس.

وفي البلدان العربية الأخرى، حيث النشطاء الـLGBTQ غالباً ما يعملون بشكل سرّي، فمن النادر وجود فيديوهات محلّية تثقيفية تتناول موضوع المثلية الجنسية. وقد نشرت مجموعة مستقلة من النشطاء الإماراتيين على موقع يوتيوب، وتدعى UAELGBTR، عدداً من الفيديوهات بأسلوب الرسوم المتحركة تهدف إلى رفع مستوى الوعي حول الصعوبات التي تواجه مجتمعات الLGBTQ في دول الخليج المحافظة. ولكنّ آخر تلك الفيديوهات يعود إلى العام 2013. وتقوم واحدة من تلك الفيديوهات بوصف تجربة شخص مثليي تربّى في دولة الإمارات العربية المتحدة على أنّها “مربكة ومخيفة.” ومن خلال رسومات بسيطة، يوضح الفيديو ندرة الموارد المتاحة أمام المراهقين والتي تسمح لهم باكتشاف ميولهم الجنسية بطريقة سليمة. ويدافع الفيديو عن فكرة أنّ الدين لا ينبغي أن يكون أساساً لرهاب المثلية. وإنّ بدا الفيديو جذّاباً وبسيطاً فهو ينطق باللغة الإنجليزية، ما قد يحدّ من إنتشاره لدى فئات أقلّ إحتكاكاً بالغرب.

وتشمل المبادرات الأخرى على شبكة الإنترنت من قبل المجتمعات الـLGBTQ العربية، عدد من الفيديوهات المباشرة والصريحة والتي يتمّ تحميلها من قبل أفراد وليس جمعيات. ولكنّ يبقى أنّ أغلب الذين يجرؤون على الكشف عن هويتهم والتحدث بانفتاح عن ميولهم الجنسية في تلك الفيديوهات همّ عرب يقيمون في بلدان غربية. وأحدهم هو عاصم، رجل مصري مثلي الجنس يقيم في الولايات المتحدة، وينشر بانتظام فيديوهات على يوتيوب، حيث يقوم، على سبيل المثال، بإدانة العنف ضد المثليين جنسياً في بلده مصر. عاصم، الذين تحدّث عن مثليته علناً منذ سنوات قليلة عبر شريط يوتيوب، يتحدّث مباشرةً إلى الكاميرا ويشارك أفكاره وخبراته باللّغة العربية. ويشاهد فيديوهاته آلاف الناس وهي تتحدث عن أمور عدّة كمواقف الإسلام من المثلية وكيفيّة طلب اللجوء في الولايات المتحدة كأفراد عرب مثليي الجنس. وتثير آرائه مناقشات حادّة على الانترنت وفيها بعض التعليقات الإيجابية وأخرى تصفه بأنّه “مجرم” و “منحرف”.

admin

Author admin

More posts by admin